الخزينة العامة أنفقت حوالي 400 مليار في سنة والإدارات والجماعات في قفص الاتهام
تخسر الدولة سنويا الملايير، جراء سوء تدبير الإدارة، وتلاعب في الصفقات، وضعف الخبرة، والاستشارة القانونية، وتراخي المسؤولين، بالاعتقاد أن الأموال التي تضيع تعود إلى الدولة، وهذا لا يهم، إذ بدون وعي منهم يجهلون أنها أموال تجمع من المواطنين دافعي الضرائب بشكل مباشر. وتحاول الوكالة القضائية التصدي للدعاوى القضائية قصد تخفيف العبء عن خزينة الدولة، إذ أصدرت تقريرا رسميا في 2018، ننشر مقتطفات منه.
تصاعد القضايا
حافظت الملفات المسجلة ضد الدولة في إطار المنازعات على وتيرتها التصاعدية في 2018، إذ وصلت إلى 17.528 قضية بزيادة قدرها 2 في المائة، مقارنة مع 2017، ويرجع ذلك إلى توسيع مجال الحقوق الخاصة بالمواطنين، والمشتكين، ومسؤوليات الدولة التي كرسها دستور 2011 ، من خلال ارتفاع الوعي القانوني لدى المواطنين الذين أصبحوا لا يترددون في مقاضاة الدولة.
مطالب بـ700 مليار
رصد مؤشر الأثر المالي للأحكام والقرارات القضائية الصادرة ضد الدولة، وفق تقرير الوكالة القضائية للمملكة، مدى نجاعة تدخلها وشركائها في الدفاع عن مصالح الدولة، إذ خفضت المبالغ المطالب بها من قبل المدعين، والتي ناهزت 7 ملايير درهم، أي 700 مليار سنتيم، وهو ما يعادل نسبة 43 في المائة، وبالتالي تم توفير حوالي 3.14 ملايير درهم على خزينة الدولة، فخسرت بذلك ما يقارب 400 مليار سنتيم خلال سنة واحدة، وهو ما أغفله التقرير.ورغم ذلك تعتبر الوكالة القضائية للمملكة، وشركاؤها أنها تلعب دورا طلائعيا في الدفاع عن مصالح الدولة، إذ واصلت مجهوداتها في تفعيل إستراتيجيتها للوقاية من المنازعات، والمخاطر القانونية، فأعدت دراسة متعلقة بخريطة المخاطر القانونية والقضائية المتعلقة بتدبير منازعات الدولة، كما عززت مجال خدمة الاستشارة القانونية الإلكترونية، وإبداء الرأي للإدارات، والمؤسسات العمومية، وعيا منها بأن تجاهل هذه الأمور سيكلف خزينة الدولة خسائر كبيرة.
أخطاء إدارية وسوء تدبير الصفقات
قامت المؤسسة خلال 2018 بإعداد دراسة شاملة حول اقتناء العقارات بالمغرب من أجل المنفعة العامة، وطرحت من خلالها مجموعة من التوصيات التي من شأنها المساهمة في تبسيط، وتيسير اقتناء الوعاء العقاري لإنجاز مشاريع ذات منفعة عامة، ممولة من قبل المؤسسات الدولية.ولمواكبة استراتيجيها في الدفاع والوقاية من المنازعات، حرصت الوكالة القضائية على تفعيل الورش المتعلق برقمنة الإجراءات، ونزع الطابع المادي عن مسطرة تبادل الوثائق، والمعطيات مع المحاكم، والإدارات والمؤسسات العمومية، وشركات التأمين، ومكاتب المحاماة، والذي يهدف إلى تسريع وتيرة تبادل المعلومة، والوثائق وتقديم الاستشارة في حينها، وملاءمة الزمن الإداري المرصود لتجهيز الملفات، مع الزمن القضائي المخصص للفصل في المنازعة.وانطلاقا من الأحكام الصادرة ضد الإدارة، اتضح أن بعض مصادر المنازعات تتجلى في أخطاء مرفقية، سواء تعلق الأمر باتخاذ قرارات غير مشروعة، أو سوء تدبير صفقة عمومية، أو خطأ مرفقي ترتبت عنه مسؤولية إدارية، أو اعتداء مادي على حق الملكية، واستفاد من دورات التكوين 181 من الأطر العليا ينتمون إلى 18 إدارة ومؤسسة عمومية.
المطالبة بـ 2300 مليار في 4 سنوات
تمكنت الوكالة القضائية للمملكة وشركاؤها من توفير 10 ملايير درهم خلال الفترة الممتدة بين 2014-2018 نتيجة المجهودات التي يقومون بها للدفاع عن الدولة أمام القضاء، في الوقت الذي قارب فيه مجموع المبالغ المطالب بها ضد الدولة 23 مليار درهم، أي 2300 مليار سنتيم.وتستعين الوكالة القضائية للمملكة بخدمات المحامين في بعض الحالات الخاصة، وصفت 909 بيانات أتعاب بتكلفة إجمالية بلغت 3.2 ملايين درهم، خلال 2018 ، إذ ارتفعت بيانات الأتعاب بنسبة 63 في المائة مقارنة مع 2017.
63 %خلافات إدارية
استمرت هيمنة ملفات المنازعات الإدارية بنسبة 63 في المائة، تليها ملفات المنازعات القضائية بنسبة 34 في المائة، ثم القضايا المتعلقة بالمساطر الحبية بنسبة 3 في المائة, فيما لم تتجاوز الملفات التي تمت معالجتها بالطرق البديلة لفض منازعات التحكيم، أو الصلح نسبة 1 في المائة.ومن خلال تحليل أكثر تفصيلا لهذه المعطيات، يتضح أن المنازعات المتعلقة بالقضاء الشامل تمثل نسبة 43 في المائة، من مجموع القضايا الجديدة، متبوعة بالقضايا المدنية بشتى أنواعها بنسبة 22 في المائة وبقضايا الإلغاء بنسبة 20 في المائة، في حين تمثل القضايا الجنائية نسبة 11 في المائة من مجموع القضايا المبلغة للمؤسسة خلال 2018.ويظهر توزيع الملفات الجديدة حسب نوع الطلب بخصوص 2018 أن نسبة القضايا المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية تمثل 23 في المائة من مجموع القضايا، تليها القضايا المتعلقة بالطعون بالإلغاء بنسبة 16 في المائة ، ثم القضايا الجنائية المرتبطة أساسا بالاعتداء على موظفي الدولة بنسبة 11 في المائة، والقضايا المدنية بكل فروعها خاصة منها دعاوى المسؤولية الناجمة عن حوادث السير بنسبة 11 في المائة.كما توضح هذه المعطيات أن المنازعات الضريبية، والتي لا تدخل ضمن اختصاصات الوكالة القضائية للمملكة، تشكل نسبة 9 في المائة، وأن المنازعات المرتبطة بالجانب الاجتماعي خاصة منها منازعات الشغل تمثل نسبة 7 في المائة، فيما بلغت نسبة القضايا الاستعجالية نسبة 6 في المائة، متبوعة بالقضايا المتعلقة بالمسؤولية العقدية، والصفقات العمومية بنسبة 5 في المائة، ثم المنازعات المرتبطة بتسوية الوضعية الفردية والمعاشية للموظفين بنسبة 4 في المائة. .وبلغت نسبة المنازعات المتعلقة باسترجاع صوائر الدولة، ومنازعات التحكيم نسبتي 3 في المائة، و1 في المائة على التوالي في السنة نفسها.
قصور قانون الوكالة القضائية
تم تحديد وتقييم نظام التحكم في المخاطر، ووضع خارطة خاصة بهذا الأمر، عبر وضع برنامج عمل للتحكم فيها، إذ خلصت الدراسة إلى جرد 110 مخاطر رئيسية، و510 من مظاهر للمخاطر، أو مخاطر ثانوية. ومن بين المخاطر الرئيسة التي تم جردها، والتي لها أثر مهم على حجم منازعات الدولة، وعلى خزينتها، وعلى صورة الإدارة، تلك الناجمة عن القصور الملاحظ، في القانون المؤطر للوكالة القضائية للمملكة، والذي يعيق التدبير الفعال لمنازعات الدولة.كما اتضح أن المخاطر وقعت بسبب غياب إستراتيجية موحدة، لتدبير منازعات الدولة، وبروز ثغرات على مستوى بعض النصوص القانونية التي تشكل مصدرا للمنازعات، والتي تستدعي التعديل، وضبط مخاطر أخرى مرتبطة بلجوء الإدارات، والمؤسسات العمومية إلى وسائل دفاع أخرى دون الرجوع إلى الوكالة القضائية للمملكة، علاوة على تطور الاتفاقيات، وعقود الاستثمار.
70 % من القضايا تهم القطاعات الوزارية
تبرز تفاصيل المعطيات المتعلقة بتوزيع القضايا الجديدة حسب فئة الشركاء، أن نسبة المنازعات المتعلقة بالقطاعات الوزارية بلغت 70 في المائة، تليها تلك المتعلقة بالجماعات الترابية، بنسبة 16 في المائة، أو المؤسسات العمومية بنسبة 13 في المائة، وقضايا المندوبيات السامية بنسبة 1 في المائة، من مجموع القضايا التي توصلت بها الوكالة القضائية للمملكة خلال 2018.وتظهر تفاصيل ملفات المنازعات الخاصة بالقطاعات الوزارية أن 83 في المائة منها تتعلق بالبنيات التحتية، والخدمات الأساسية، تليها القضايا المرتبطة بالاستثمارات والتنمية الاقتصادية بنسبة 14 في المائة، فيما تمثل القضايا المرتبطة بالقطاعات الأخرى مجتمعة نسبة 3 في المائة.ويقترن تمركز الإدارات، والنشاط الاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده جهتا الرباط- سلا- القنيطرة، والبيضاء- سطات، بنسبة منازعات مرتفعة بالجهتين بنسبة 61 في المائة، من إجمالي القضايا الجديدة المتوصل بها في 2018، و40 في المائة تهم جهة الرباط سلا القنيطرة، والتي ارتفعت مقارنة مع 2017 في حدود 37 في المائة، فجهة البيضاء سطات 21 في المائة، التي لم تتغير منذ 2017.وسجلت في جهة مكناس فاس، 12 في المائة، و10 في المائة بجهة مراكش-آسفي، و8 في المائة جهة سوس آكادير، و6 في المائة بالجهة الشرقية –وجدة وأقل من 2 في المائة في باقي الجهات.وسبب هذه النسب المتفاوتة يرجع أساسا إلى تمركز المصالح الإدارية في المحور الرابط بين أكادير وطنجة، مرورا بالرباط، والبيضاء، لارتفاع نسبة الاستثمار العمومي في هذا المحور، نتيجة المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها المغرب خلال السنوات الأخيرة، ولوجود كثافة سكانية مهمة، في هذا المحور نتيجة تمركز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارات.
22 ألف إجراء
واصلت الوكالة القضائية للمملكة السهر على تأمين الدفاع عن الدولة أمام كافة محاكم المملكة، عبر تعزيز حضورها في كافة الإجراءات والمساطر التي تأمر بها المحاكم والتي بلغ عددها 22 ألفا و905 إجراءات أو مساطر، أي بمعدل 115 إجراء يوميا عبر مختلف عمالات وأقاليم المملكة، قصد الدفاع عن مصالح الدولة، رغم البعد الجغرافي عن المحاكم.وهمت الإجراءات القضائية المرحلة الابتدائية بنسبة 70 في المائة، موزعة بين المحاكم الابتدائية الإدارية بنسبة 50 في المائة، والمحاكم الابتدائية العادية بنسبة 10 في المائة، والمحاكم التجارية بنسبة تقل عن 1 في المائة. وتوزعت 26 في المائة من الإجراءات على مستوى محاكم الاستئناف ما بين محاكم الاستئناف الإدارية بنسبة 20 في المائة، ومحاكم الاستئناف العادية بنسبة 5 في المائة، ومحاكم الاستئناف التجارية بنسبة تقل عن 1 في المائة. فيما بلغت نسبة الإجراءات على مستوى محكمة النقض 4 في المائة.
23 ألف وثيقة في المحاكم
شهدت 2018 استقرارا في حجم الوثائق الواردة على الوكالة القضائية للمملكة مقارنة مع 2017، إذ توصلت مصالح المؤسسة ب 23 ألفا و56 وثيقة من مختلف شركائها من الإدارات، والمؤسسات العمومية والمحامين، ومن القطاع الخاص.وهذه المعطيات لا تشمل الأحكام القضائية التي توصلت بها المؤسسة والتي ناهزت 10 آلاف حكم، وكذا الاستدعاءات القضائية المتوصل بها من المحاكم والتي تجاوزت بدورها 35 ألف وثيقة.وقصد تخفيف الضغط عن مصالحها في تدبير المراسلات والاستدعاءات، والأحكام المتوصل بها وضبطها، شرعت الوكالة القضائية للمملكة في العمل بمنصة التبادل الإلكتروني للوثائق، والمعطيات الخاصة بملفات المنازعات مع عدد من الشركاء والمتعاملين معها.
35 ألف استدعاء بحث
توصلت الوكالة القضائية للمملكة بما مجموعه 35 ألفا و56 استدعاء منها 4603 استدعاءات لجلسات بحث، أوخبرات أمرت بها المحاكم، وتستوجب التنقل لمختلف عمالات وأقاليم المملكة. ولتجاوز العامل الجغرافي الناتج عن شساعة التراب الوطني، تعمل الوكالة القضائية على التنسيق مع القطاع المعني، خاصة المصالح الجهوية المعنية بالنزاع من أجل تأمين الحضور وتقديم المعطيات المتوفرة لديها.